التلقيح ومراقبة أنفلونزا الطيور شديدة الضراوة في الدواجن: الوضع الحالي والآفاق

 

 

الأستاذ الدكتور صلاح مهدي حسن / أستشاري وخبير صحة وأنتاج دواجن

 

عقد التحالف الدولي للمعايير البيولوجية The International Alliance for Biological Standardization (IABS)، بالتعاون مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان (WOAH)، اجتماعًا مشتركا" في الفترة من 22 إلى 23 تشرين أول 2024 في مقر WOAH في باريس، فرنسا، لدراسة الوضع العالمي للتلقيح والمراقبة لإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة (HPAI) في الدواجن. وتم عرض التقرير المفصل في مجلة Biologicals التابعة لدار النشر العالمية ELSEVIER بتاريخ 13 / 5 / 2025 . وأحببت أن أدرج ملخصا" عن مقررات ذلك الأجتماع الرئيسي والمهم. حضر هذا الاجتماع المختلط خبراء من جميع أنحاء العالم لمناقشة القضايا الملحة المحيطة بإنفلونزا الطيور عالية الضراوة (HPAI) في الدواجن.

 

يشكل فيروس إنفلونزا الطيور شديد الإمراض، وخاصة سلالة ( H5Nx 2.3.4.4b ) ، تهديدًا كبيرًا للدواجن و الطيور البرية و حتى اللبائن في جميع أنحاء العالم. إن قدرة الفيروس على الانتشار بسرعة و التسبب في أضرار إقتصادية و بيئية شديدة. لقد بات من الضروري إتباع نهج شامل للسيطرة و الوقاية، و لذلك هدف إجتماع المنظمة العالمية للصحة الحیوانیة إلى معالجة هذه التحديات من خلال التركيز على إستراتيجيات التلقيح و المراقبة.

 

الهدف الأساسي لهذا الاجتماع هو مراجعة الوضع الحالي لأنفلونزا الطيور شديدة الإمراض و إستكشاف وجهات النظر المستقبلية بشأن علمیات التلقيح و المراقبة. ولذلك جمع الحدث مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك ممثلين عن منظمة الصحة العالمية، و منظمة الأغذية و الزراعة، و منظمة التجارة العالمية، و الحكومات، و شركات تربية الدواجن و الشركات البيولوجية، و منظمات رعاية الحيوان، و العلماء.

 

تركزت المواضيع والمناقشات الرئيسية حول الآتي:

1- الوضع الوبائي الحالي: يختلف إنتشار أنفلونزا الطيور شديدة الإمراض عبر القارات، الا أن الفايروس ظل متأصلاً في الطيور البرية و أجزاء من مجموعات الدواجن. قدمت هذه الجلسة نظرة عامة على المشهد الوبائي الحالي و التحديات التي تواجهها المناطق المختلفة.

2- إستراتيجيات التلقيح: بات حقيقة واضحة أن التلقيح أداة حاسمة في السيطرة على أنفلونزا الطيور شديدة الضراوة. تركزت المناقشات على فعالية اللقاحات الحالية، و التطورات الجديدة في تكنولوجيا اللقاحات، و الجوانب العملية لتنفيذ برامج التلقيح في مناطق مختلفة.

3- مراقبة التجمعات الطيرية الملقحة: أحد التحديات المهمة للتلقيح هو الحفاظ على المراقبة الفاعلة. ناقشت هذه الجلسة طرق مراقبة الطيور التي تم تلقيحها، و إكتشاف الاندلاعات الوبائية في وقت مبكر، و التأكد من أن التلقيح لا يعيق إكتشاف المرض.

 

4- الآثار التجارية والاقتصادية: إن تأثير أنفلونزا الطيور شديدة الضراوة على التجارة الدولية كبير جدا". ولذلك ناقش الخبراء كيفية مواءمة التلقيح و المراقبة مع اللوائح التجارية لتقليل الاضطرابات الاقتصادية مع ضمان الأمن الحيوي.

 

5- رعاية الحيوان و الصحة العامة: إن رعاية الدواجن و المخاطر المحتملة على صحة الإنسان تعتبر من الاعتبارات الحاسمة. تناولت هذه الجلسة كيفية مساهمة التلقيح في تحسين رفاهة الحيوان، و تقليل خطر إنتقال الأمراض الحيوانية المنشأ، و تعزيز نتائج الصحة العامة.

 

كان الهدف الأساسي من الاجتماع هو تعزيز قبول التلقيح كأداة للتخفيف من إنتقال الفيروس الضاري و تقليل الإصابة بالمرض. سعى الاجتماع أيضًا إلى تقييم المنهجيات الحالية وفاعلية برامج مراقبة أنفلونزا الطيور عالية الضراوة في قطعان الدواجن الملقحة.

أسفرت المناقشات عن العديد من الاستنتاجات والتوصيات الرئيسية التي تعد حاسمة لتعزيز قبول إستراتيجيات التلقيح و تنفيذها، و التي شملت الآتي:

  1. 1- تحديد تفاعل (RT-qPCR) حصرا" كأداة تشخيصية حساسة و محددة و فاعلة من حيث التكلفة للكشف عن الوجود الفيروسي في القطعان الملقحة.
  2. 2- تأييد إجراء اختبارات روتينية للطيور النافقة داخل القطعان الملقحة كإجراء فعال للغاية للكشف المبكر عن تفشي المرض وإثبات الخلو من العدوى في القطعان الملقحة.
  3. 3- التركيز على الجمع الممنهج للبيانات حول سلالات فايروسات الأنفلونزا المنتشرة حقليا" لمساعدة المسؤولين عن اختيار البذرة اللقاحية المرشحة وتحسين فعالية اللقاح.

و أعتبر التقرير الحالي أن إستخدام الطيور الحارسة sentinel birds ( وهي طيور من ضمن القطيع لايتم تلقيحها ) كعامل لمراقبة وتقييم عملية التلقيح كانت ذات فاعلية متدنية، في حين تم إعتبار الاختبار المصلي للطيور الملقحة أكثر ملاءمة لتقييم الحالة المناعية بدلاً من تحديد حالة إصابة القطيع. كان هناك إجماع عام من قبل المشاركين في الاجتماع على ضرورة توحيد نتائج المراقبة من خلال تحديد مستويات أو معايير مقبولة الثقة دوليًا لتسهيل التجارة الآمنة والعادلة. وأوصى التقرير كذلك بأنه على السياسات التجارية ذات العلاقة بالتلقيحات والمراقبة أن تستند إلى الأدلة العلمية وتقييم المخاطر حصرا".

و في الختام يمثل اجتماع "التطعيم والمراقبة لإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة في الدواجن: الوضع الحالي والآفاق" خطوة حاسمة نحو معالجة التحدي العالمي لإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة. و من خلال جمع مجموعة واسعة من الخبراء وأصحاب المصلحة، هدف الحدث إلى تطوير حلول مبتكرة من شأنها تعزيز فعالية برامج التلقيح والمراقبة. ويعد هذا الجهد التعاوني ضروريًا لحماية صحة الدواجن، وضمان الأمن الغذائي، وحماية الصحة العامة على نطاق عالمي. ونرجو من السلطات البيطرية العراقية العمل على الاقتداء بمقررات هذا الاجتماع العالمي والمهم لأبعاد شبح وباء أنفلونزا الطيور والذي بات قريبا" جدا" من التفشي اذا لم تتخذ الإجراءات الطبية السريعة والتي تم ذكرها في مقالات سابقة لنا على منصة شبكة النهرين البيطرية الغراء .

 

https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1045105625000314?via%3Dihub

اترك تعليقا

قد يعجبك ايضا