إرشادات لتقييم المنتجات المضادة للفيروسات في مزارع الدواجن
د. ماجد حمید الصایغ / اختصاص امراض الدواجن / استرالیا
13/ 9/ 2025
مقدمة
في الآونة الأخيرة، تكثر العروض على مربي الدواجن لمنتجات يُزعم أنها مضادات فيروسية لمكافحة أمراض الطيور. على الرغم من الآمال المعقودة على هذه العلاجات، يجب التنبه إلى أن عددًا محدودًا جدًا من مضادات الفيروسات حاصل على ترخيص للاستخدام البيطري (في بعض الدول يقتصر الأمر على أنواع معينة من الإنترفيرون)natureasia.com. كثير من المنتجات التجارية التي تُسوّق كمكملات أو علاجات وقائية قد لا تكون مدعومة بأدلة علمية كافية، بل وقد تحتوي على مواد دوائية مضافة بشكل غير قانوني. على سبيل المثال، تم العثور على خمسة منتجات بيطرية تجارية على الأقل في إحدى الدراسات تحتوي على مادة أمانتادين المضادة للإنفلونزا (إضافةً إلى منتجين آخرين يحتويان على أسيكلوفير)، وكانت تلك المنتجات مسجلة كـ”مكملات غذائية“ رغم أن مضادات الفيروسات أُضيفت إليها خِفيةً في عملية التصنيعnatureasia.com. لذا فمن الضروري التحقق من أي منتج يُعرض على أنه مضاد فيروسي قبل استخدامه في مزرعة الدواجن، تفاديًا لهدر المال أو تعرض الطيور والناس لمخاطر غير معروفة.
أسئلة أساسية قبل استخدام المنتج
- على المربّي أن يطرح الأسئلة التالية قبل استخدام أي منتج يُسوَّق كمضاد فيروسي للتأكد من مصداقيته وسلامته:
- ما هو اسم المادة الفعّالة؟ (معرفة المادة الكيميائية الفعالة تتيح للمربي البحث عن معلوماتها العلمية والتحقق من فعاليتها وسلامتها.)
- هل هو مُرخّص للاستخدام في الدواجن؟ (يجب التأكد من أن المنتج حاصل على موافقة الجهات البيطرية الرسمية لاستخدامه في الطيور. فالمنتج غير المرخّص قد يكون غير قانوني أو لم يخضع للاختبارات اللازمة.)
- هل توجد تجارب منشورة وموثوقة في الحقل أو على الطيور الحيّة؟ (البحث عن دراسات أو تجارب ميدانية منشورة تثبت فعالية المنتج على أرض الواقع. وجود تجارب مُحكمة في مزارع فعلية أو على الطيور يعطي مصداقية أكبر لادعاءات المنتج.)
- 5. هل يوجد خطر من بقاء متبقيات الدواء في اللحم أو البيض؟ (يجب معرفة ما إذا كان استخدام المنتج سيخلّف بقايا دوائية في لحوم الدواجن أو بيضها، مما قد يجعلهما غير صالحين للاستهلاك البشري دون فترة انسحاب كافية. قد يؤدي وجود متبقيات مخالفة للمعايير إلى مشاكل صحية للمستهلك وعواقب قانونية للمربي.)
- 6. هل يُمنع استخدامه من قبل السلطات التنظيمية (مثل FDA، EFSA، أو WOAH)؟ (بعض المواد قد تكون محظورة في قطاع الدواجن بقرار من جهات رقابية عالمية أو محلية. على سبيل المثال، حظرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استخدام مضادات الإنفلونزا البشرية مثل أوسيلتاميفير – المعروفة تجاريًا باسم تاميفلو – في الدواجن لمنع ظهور فيروسات إنفلونزا مقاومة للأدويةextension.psu.edu. من المهم التحقق ما إذا كان المنتج أو مادته الفعالة ممنوعًا استخدامها من قبل هيئات مثل هيئة سلامة الغذاء الأوروبية (EFSA) أو المنظمة العالمية لصحة الحيوان (WOAH) أيضًا.)
تحذيرات من الاستخدام العشوائي
إن الاستخدام غير المدروس لمضادات الفيروسات في مزرعة الدواجن قد يترتب عليه مخاطر جسيمة، منها:
- خطر ظهور مقاومة للأدوية: يؤدي إعطاء مضادات الفيروسات دون ضوابط أو إرشادات بيطرية إلى ضغط انتخابي على الفيروسات، ما قد ينتج عنه سلالات مقاومة لا تتأثر بالعلاج. على سبيل المثال، في الصين تسبب الاستخدام غير المسؤول لعقار أمانتادين في الدجاج بإفراز سلالة من فيروس الإنفلونزا قاومت هذا الدواء وفقد فعاليته العلاجيةnatureasia.com. وقد حذرت منظمات صحية دولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة وWOAH من أن استخدام مضادات الإنفلونزا المخصصة للبشر في الطيور قد يؤدي إلى ظهور سلالات شديدة المقاومة من إنفلونزا الطيور (مثل H5N1)avma.org. هذه المقاومة الدوائية لا تضر فقط بقطاع الدواجن، بل قد تشكّل خطرًا على صحة الإنسان أيضًا إذا انتقلت السلالات المقاومة إليه.
- خطر المتبقيات والتبعات القانونية والتجارية: أي دواء يُعطى لطيور منتجة (للحم أو البيض) قد يخلّف متبقيات دوائية في المنتجات الحيوانية. وجود متبقيات أدوية بمستويات أعلى من الحدود المسموح بها قانونيًا يجعل تلك المنتجات غير صالحة للاستهلاك البشري، وقد يؤدي إلى إتلاف الشحنات أو رفضها من قبل السلطات الرقابية والأسواق المستوردةcanr.msu.edu. الكثير من الدول لديها برامج صارمة لرصد متبقيات الأدوية في اللحوم والبيضcanr.msu.edu؛ فإذا اكتُشفت بقايا لمواد محظورة أو غير مصرّح بها، يتعرض المربّي لعواقب قانونية (مثل الغرامات أو إتلاف المنتج) وخسائر تجارية فادحة فضلًا عن الإضرار بسمعة المزرعة وثقة المستهلك. الالتزام بالاستخدام الآمن للأدوية وتجنب العشوائية يحمي المربي من هذه المشكلات.
بدائل موثوقة لمكافحة الفيروسات في الدواجن
لحسن الحظ، هناك بدائل مثبتة علميًا يمكن الاعتماد عليها لتعزيز مناعة القطيع والوقاية من الأمراض الفيروسية، دون اللجوء إلى علاجات غير مضمونة منها :
- برامج اللقاحات المصممة حسب السلالة المحلية: يُعد التحصين الوقائي عبر اللقاحات المناسبة أحد أهم الركائز لحماية الدواجن من الأمراض الفيروسية. ينبغي تصميم برنامج التطعيم بناءً على السلالات الفيروسية المنتشرة محليًا لضمان فعالية المناعة المكتسبة. لقد أثبتت اللقاحات المصممة والمجدولة بشكل صحيح قدرتها على خفض معدلات انتشار الأمراض الخطيرة في مزارع الدواجنwoah.org. مثلًا، التحصين ضد مرض نيوكاسل أو إنفلونزا الطيور بسلالات لقاح مطابقة أو قريبة للسلالة الموجودة في المنطقة يوفر حماية أفضل للقطيع مقارنةً باللقاحات العامة.
- تعزيز الأمن الحيوي في المزرعة: الأمن الحيوي هو خط الدفاع الأول لمنع دخول أي فيروس إلى حظائر الدواجن وانتشاره فيما بينها. يتضمن ذلك مجموعة ممارسات وإجراءات صارمة يجب اتباعها يوميًا، مثل تقييد دخول الزوار إلى عنابر التربية، والتأكد من تطهير الأحذية والمعدات عند الدخول والخروج، والفصل بين دفعات أو أعمار الطيور المختلفة، والتخلص الآمن من النافق والمخلفات، والحفاظ على نظافة المياه والعلف. هذه الإجراءات تقلل بشكل جذري من احتمال تسرب الأمراض إلى المزرعةwoah.org. وقد بيّنت الدراسات أن الالتزام القوي بتدابير الأمن الحيوي يمنع انتشار مسببات الأمراض في المزارع، مما يحد من الحاجة إلى استخدام مضادات حيوية أو علاجات أخرى لاحقًا. إن استثمار الوقت والجهد في تحسين الأمن الحيوي هو استثمار مباشر في صحة القطيع وعائد المزرعة.
- الكشف المبكر والعزل السريع للحالات المرضية: المراقبة اليومية لصحة الطيور تسمح باكتشاف أي علامات مرضية بشكل مبكر، وهو أمر جوهري لمنع تفشي الأمراض في القطيعaphis.usda.gov. يجب أن يكون المربي على دراية بأعراض الأمراض الفيروسية الشائعة (مثل الخمول، انخفاض الأكل أو الإنتاج، إفرازات تنفسية أو عصبية غير طبيعية) ويبادر فورًا بعزل الطيور التي تظهر عليها أعراض مقلقة عن بقية القطيع. العزل السريع للحالات المشتبه بها وفرض شكل من أشكال الحجر على المنطقة المصابة إجراء معتمد في خطط الاستجابة لتفشي أمراض الدواجن الخطيرةavma.org. كما يُنصح بإبلاغ الطبيب البيطري أو السلطات البيطرية عند الشك بمرض فيروسي وبائي؛ فالتعامل المهني السريع (من خلال تشخيص المختبر واتخاذ إجراءات كإعدام الطيور المصابة أو تطهير الموقع) يساعد في احتواء المرض قبل أن ينتشر إلى المزارع المجاورة. الكشف المبكر والتصرف الفوري يمكن أن يكونا الفارق بين احتواء مرض في بقعة محدودة وبين انتشار وباء يسبب خسائر فادحة للمربين في المنطقة.
باختصار
لا توجد حلول سحرية سريعة لمكافحة فيروسات الدواجن. المنتج الذي يروج على أنه “مضاد فيروسي” خارق يجب التعامل معه بشك واستفسار. اعتماد الإجراءات العلمية الوقائية كالتطعيم السليم والأمن الحيوي والرصد المبكر هو الطريق الأضمن لحماية القطيع والحفاظ على صحة الدواجن على المدى الطويل. اتخاذ القرارات المبنية على المعلومات الموثوقة وإرشادات الأطباء البيطريين يجنّب المربي الكثير من المتاعب ويضمن استمرارية إنتاج آمنة ومستدامة.
One Comment
اترك تعليقا
You must be logged in to post a comment.
Good