تقرير شامل عن مرض الحمى القلاعية (FMD) في العراق: التحديات والحلول
د. ماجد حمید الصایغ / اختصاص امراض الدواجن / استرالیا
الملخص
مرض الحمى القلاعية (FMD) هو أحد أكثر الأمراض الحيوانية العابرة للحدود تأثيرًا على الثروة الحيوانية في العراق. يتميز هذا المرض بطبيعته المتوطنة، مما يؤدي إلى تفشيات متكررة تسبب خسائر اقتصادية كبيرة. تشمل هذه الخسائر انخفاض إنتاج الحليب، ارتفاع معدل الوفيات بين الحيوانات الصغيرة، القيود التجارية، وتكاليف التطعيم الباهظة. تقدم هذه المراجعة تحليلًا تفصيليًا لعلم الأوبئة، المسببات المرضية، استراتيجيات التطعيم، التحديات، وتدابير السيطرة على مرض الحمى القلاعية في العراق. كما تتناول المناقشة التفشي التاريخي للمرض، تأثير تهريب الحيوانات، عدم كفاءة حملات التطعيم الحالية بسبب عدم تطابق سلالات الفيروس المنتشرة، والضعف الهيكلي في البنية التحتية البيطرية. بالإضافة إلى ذلك، نقترح حلولًا شاملة تشمل تعزيز تدابير الأمن الحيوي، تحسين استراتيجيات التطعيم، تعزيز قدرات التشخيص، والتعاون الإقليمي للتخفيف من تأثير الحمى القلاعية.
- مقدمة
مرض الحمى القلاعية (FMD) هو مرض فيروسي شديد العدوى يصيب الحيوانات مشقوقة الظلف، بما في ذلك الأبقار والجاموس والأغنام والماعز. يسببه فيروس الحمى القلاعية (FMDV)، الذي ينتمي إلى جنس Aphthovirus ضمن عائلة Picornaviridae. يتميز هذا المرض بمعدل إصابة مرتفع وخسائر اقتصادية كبيرة في المناطق المصابة.
الأهمية العالمية لمرض الحمى القلاعية
يُعد مرض الحمى القلاعية واحدًا من أكثر الأمراض المدمرة اقتصاديًا في الثروة الحيوانية نظرًا لتأثيره على التجارة الدولية، الخسائر الإنتاجية، وتكاليف السيطرة المرتفعة. تتمتع البلدان الخالية من المرض بميزة تنافسية في أسواق اللحوم والألبان العالمية، بينما تواجه المناطق المتوطنة حظر التصدير والقيود الاقتصادية.
الحمى القلاعية في العراق: تحدٍ مستمر
تم تسجيل الحمى القلاعية كمشكلة متوطنة في العراق منذ عام 1937، مع تفشي المرض بشكل دوري بسبب الحركة غير المنضبطة للحيوانات، ضعف الخدمات البيطرية، وعدم كفاية استراتيجيات التطعيم. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من المرض، فإن تهريب الماشية، الحدود المفتوحة، وعدم الاستقرار السياسي لا تزال تفاقم الوضع. تؤكد الدراسات الحديثة على عودة انتشار الحمى القلاعية في العراق، مما يستلزم تنفيذ تدابير مكافحة عاجلة ومنظمة.
- المسببات المرضية والتسبب المرضي لفيروس الحمى القلاعية
2.1. خصائص الفيروس فيروس الحمى القلاعية هو فيروس RNA إيجابي الاتجاه، صغير الحجم، وغير مغلف، ويخضع لتحورات متكررة تؤدي إلى ظهور سلالات جديدة. يتكون الفيروس من سبعة أنماط مصلية (O، A، C، Asia 1، SAT1، SAT2، SAT3)، مع العديد من الأنماط الفرعية داخل كل نمط مصلي. نظرًا لعدم وجود حماية متبادلة بين الأنماط المصلية، يمثل ذلك تحديًا رئيسيًا في تطوير اللقاحات.
2.2. طرق انتقال الفيروس ينتقل الفيروس بعدة طرق:
- الاتصال المباشر: من خلال اللعاب والإفرازات الأنفية والسوائل الحويصلية من الحيوانات المصابة.
- الانتقال عبر الهواء: يمكن للفيروس الانتقال لمسافات تصل إلى 10 كيلومترات في ظل ظروف مناخية ملائمة.
- الانتقال عبر المواد الملوثة: مثل المعدات والعلف والمركبات.
- حركة الحيوانات: يلعب تهريب الماشية دورًا كبيرًا في انتشار المرض عبر المناطق.
الأعراض السريرية في الأبقار ارتفاع درجة الحرارة (40-41°C) . إفراز لعاب مفرط بسبب تقرحات على اللسان واللثة والشفتين . العرج بسبب الآفات على الحوافر . انخفاض إنتاج الحليب . فقدان الوزن وتوقف النمو . التهاب عضلة القلب والموت المفاجئ في الحيوانات الصغيرة
- وبائيات الحمى القلاعية في العراق
3.1. تفشي المرض تاريخيًا في العراق شهد العراق عدة موجات تفشي رئيسية للحمى القلاعية أثرت بشكل كبير على قطاع الثروة الحيوانية. ومن أبرز هذه التفشيات:
- 1937: أول تقرير رسمي عن المرض في العراق
- 1998-1999: تفشي واسع النطاق خلال فترة العقوبات الاقتصادية، أثر على أكثر من 25% من الثروة الحيوانية.
- 2004-2010: تفشيات مستمرة بسبب عدم الاستقرار السياسي وضعف الرقابة على الحدود.
- 2016: عودة ظهور المرض بسبب استيراد أبقار مصابة بشكل غير قانوني من الدول المجاورة.
3.2. الأنماط المصلية المكتشفة في العراق حددت الدراسات التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة (FAO) والمنظمة العالمية لصحة الحيوان (OIE) العديد من الأنماط المصلية المنتشرة في العراق: O/Tur/5//2009 . A/Tur/06-20 . Asia 1/Pak/08 Sindh-8 . A/ASIA/Iran05BAR-08 . O ME-SA PanAsia2 ANT-10
يؤدي تنوع الأنماط المصلية إلى صعوبة في تحقيق فعالية التطعيم، مما يستلزم مراقبة مستمرة وتحديثات في تركيبات اللقاحات.
3.3 العوامل المساهمة في استمرارية المرض ضعف البنية التحتية البيطرية ورصد الأمراض: عدم وجود مختبرات تشخيصية متطورة ونقص في الكوادر البيطرية المدربة.
- ضعف البنية التحتية البيطرية ورصد الأمراض: عدم وجود مختبرات تشخيصية متطورة ونقص في الكوادر البيطرية المدربة.
- استراتيجيات تطعيم غير فعالة: استخدام لقاحات لا تتطابق مع السلالات المنتشرة محليًا.
- تهريب الحيوانات وعدم تنظيم حركة الماشية: حركة الحيوانات المصابة عبر الحدود دون رقابة.
- قلة الوعي لدى المربين حول تدابير الأمن الحيوي: عدم اتباع الممارسات الوقائية الأساسية.
- الأسواق الحيوانية غير المنظمة: انتشار المرض في الأسواق المزدحمة وغير النظيفة.
- الحلول للسيطرة الفعالة على الحمى القلاعية في العراق
تعزيز استراتيجيات التطعيم
إنشاء منشأة وطنية لإنتاج لقاحات الحمى القلاعية: لتقليل الاعتماد على الاستيراد وضمان توفر اللقاحات بأسعار معقولة.
تطوير لقاحات تتوافق مع السلالات المنتشرة محليًا: بالتعاون مع المنظمات الدولية مثل FAO وOIE لتحديث تركيبات اللقاحات.
توسيع البنية التحتية لسلسلة التبريد: لضمان تخزين وتوزيع اللقاحات بشكل مناسب، خاصة في المناطق النائية.
تحسين تدابير الأمن الحيوي
فرض تنظيم صارم على حركة الحيوانات وتنفيذ إجراءات الحجر الصحي: لمنع انتشار المرض عبر الحدود.
تطبيق ضوابط صارمة في الأسواق الحيوانية: مثل تنظيف وتعقيم الأسواق بانتظام، وفحص الحيوانات قبل دخولها إلى الأسواق.
تنفيذ برامج تعليمية للمزارعين حول ممارسات الوقاية من الأمراض: مثل عزل الحيوانات المصابة، وتطهير المعدات، واستخدام الملابس الواقية.
تطوير البنية التحتية البيطرية
إعادة بناء وتحديث المختبرات التشخيصية: لتوفير تشخيص سريع ودقيق للمرض.تدريب وزيادة عدد الأطباء البيطريين: لضمان وجود كوادر مدربة قادرة على التعامل مع تفشيات المرض.
التعاون الإقليمي والدولي
التعاون مع FAO وOIE وWHO للحصول على التمويل والدعم الفني: لتنفيذ برامج مكافحة المرض.
إنشاء برامج مراقبة مشتركة عبر الحدود: للحد من انتشار المرض من خلال تبادل المعلومات والتنسيق بين الدول المجاورة.
الاستنتاج
مرض الحمى القلاعية يظل تحديًا كبيرًا للثروة الحيوانية في العراق بسبب طبيعته المتوطنة والعوامل الاجتماعية والسياسية التي تعيق جهود السيطرة عليه. يتطلب التغلب على هذا المرض نهجًا متعدد الأوجه يشمل تحسين استراتيجيات التطعيم، تعزيز تدابير الأمن الحيوي، تطوير البنية التحتية البيطرية، والتعاون الإقليمي والدولي. فقط من خلال تنفيذ هذه الحلول الشاملة يمكن للعراق أن يحد من تأثير الحمى القلاعية ويعزز صحة ورفاهية قطاع الثروة الحيوانية.