التغییر المناخي و انتشار مرض اللسان الأزرق في أوربا
د.دیار طیب برواري
مرض اللسان الأزرق هو مرض فيروسي ينتقل عن طريق الحشرات الناقلة و هو يصيب کل المجترات (مثل الأغنام و الأبقار و الماعز) کما أنه ينتقل میکانیکیا عن طريق البعوض العاض الذي یقوم بنقل الفایروس من حیوان الی اخر.
تشیر المصادر التاريخية، أن هذا المرض كان مستوطنًا في المناطق الاستوائية و شبه الاستوائية حيث تكون درجة الحرارة و الرطوبة مناسبة لبقاء الحشرات مثل البعوض لکن و مع ذلك، فقد بدأ هذا للبعوض في الهجرة إلى الشمال مستهدفا حوض البحر الأبيض المتوسط و جنوب أوروبا في أواخر التسعينيات. لکنه بدأ عملیا بالانتقال الی الشمال أکثر فأکثر و اصبح یهدد العدید من الدول في وسط القارة الاوربیة.
یشیر تقریر نشرته المنظمة العالمیة لصحة الحیوان و مقرها في باریس، أن التحدي في هذا المرض یتمثل في الأنماط المصلية المتعددة للفایروس. إن السيطرة على فيروس اللسان الأزرق صعبة بشكل خاص لأنه يحتوي على أكثر من (٢٧) نمطًا مصليًا تم تحديدها في قانون صحة الحيوانات البرية التابع لمنظمة الصحة العالمية، و كل منها يتطور بشكل مختلف في مضيفه. و نتيجة لذلك، فإن اللقاحات أو المناعة ضد نمط مصلي واحد، لا توفر أي حماية ضد النمط آخر. تبعا لذلك، فإن الأحداث الوبائية المسجلة سابقًا و المرتبطة بالنمط المصلي (٨) و التي شوهدت في دول أوروبا بين عامي ٢٠٠٧ و عام ٢٠١٠ ) کان لها ديناميكيات وبائية مختلفة عن تلك الخاصة بالنمط المصلي (٣) و الذي تم إكتشافه في العديد من البلدان الأوروبية بين شهر أیلول ٢٠٢٣ و شهر تشرین الاول من عام ٢٠٢٤.
فیما یتعلق بالتغير في المناخ، فإن التقریر یذکر أنه مع إعادة تشكيل تغير المناخ في بيئتنا، فإن أثار ظهور النمط المصلي (٣) من فيروس اللسان الأزرق مؤخرًا في بعض دول أوروبا زاد من قلق المزارعين و المتخصصين ف يصحة الحیواب على حد سواء، حیث تظهر أن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر على زیادة أعداد النواقل الحشریة في المناطق الجدیدة و هو ما یدعوا الی إتخاذ التدابير التي تضمن لحماية الماشية من مرض اللسان الازرق. إن انتشار مرض اللسان الأزرق من موطنه في شمال أفريقيا إلى جنوب و وسط و شمال أوروبا هو مثال على كيفية تفاعل و ملاءمة النواقل مع تغير المناخ و كثافة أعداد الحيوانات و توزيعها و حركتها لتغيير نمط المرض. حسب التقریر فإن البيانات التي تظهر في نظام معلومات صحة الحيوان العالمي (WAHIS)، أن الفيروس انتقل ببطء إلى الشمال إلى وسط و شمال أوروبا. حيث لم متوقعا أن تبقى نواقل الفیروس على قيد الحياة في حالة لانخفاض درجات الحرارة و إختلاف البيئات. یبدوا أن هذا التغيير في توزيع المرض في ظهوره في (٢٨) دولة أوروبية و هو ما نجم عن أكثر من ( ٥٨٠٠٠) حالة تفشي غير متوقع للمرض بين عام ٢٠٠٧ و عام ٢٠١٠. و یشیر التقریر الی أن عام ٢٠٢٣ قد شهد أحداث وبائية مماثلة في خطوط العرض الأعلى في أوروبا بسبب النمط المصلي الجديد لفيروس اللسان الأزرق (النمط المصلي ٣)، والذي تم الإبلاغ عنه في العديد من الدول الأوروبية. کما أرفق التقریر بخریطة للحالات المرضیة للمنط (٣) في دول وسط و شمال أوربا ( بریطانیا، هولندا ، المانیا، السوید، النرویج، الدنمارك، فرنسا ، سویسرا، پولندا، الیونان، البرتغال، النمسا).
مما ذکر فإنه لكي یستطیع المرض أن ينتشر بواسطة النواقل الحشریة الی منطقة جغرافية جديدة، فإنه يجب أن يكون قادرًا على البقاء في تلك المنطقة و أن یأقلم مع إرتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم. لذلك فإننا نشهد إنتشارا لظهور مرض اللسان الأزرق و أمراض أخرى منقولة بواسطة النواقل (مثل حمى القرم و الكونغو، و التهاب الدماغ المنقول بالقراد، و الحمى النزفية الوبائية، و حمى غرب النيل) إلى المناطق المعتدلة بعد إرتفاع درجات الحرارة العالمية. وهذا أمر مثير للقلق للمختصین بصحة الحیوان و الصحة العامة بالنظر إلى أن حوالي ثلث الأمراض الـ (٩١) التي أدرجتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في عام ٢٠٢٤ تنتقل بواسطة النواقل.