تقرير شامل: التحديات الناشئة في لقاحات مرض مارك
الدکتور ماجد حمید الصایغ / إختصاص أمراض دواجن / أسترالیا
مقدمة
مرض مارك (Marek’s Disease) هو مرض فيروسي شديد التأثير على الدواجن، يتسبب في تثبيط المناعة وتكوين الأورام، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية عالمية كبيرة تتجاوز مليار دولار سنويًا. ورغم الاستخدام الواسع للقاحات، فإن تفشي المرض في القطعان المُطعّمة يبرز تحديات جديدة، خصوصًا مع ظهور سلالات شديدة الضراوة من فيروس مرض مارك (HV-MDV).
نتائج حديثة حول السلالات شديدة الضراوة
كشفت دراسة نُشرت عام 2023 (Liu et al.) عن سبع سلالات جديدة من فيروس مرض مارك معزولة من دواجن مصابة بالأورام في الصين، وصُنِّفت أربع منها على أنها سلالات شديدة الضراوة (SDCW01، HNXZ05، HNSQ05، HNSQ01). أظهرت هذه السلالات:
ضراوة عالية: سجلت نسبة الإصابة 100% في بعض الحالات، مع معدلات مرتفعة لتكوين الأورام.
تثبيط المناعة: ضمور ملحوظ في الغدة الصعترية وجيب فابريشيوس، مع تضخم الكبد والطحال.
ارتفاع معدل الوفيات: تجاوز 80% في أكثر السلالات ضراوة.
تحليل فعالية اللقاحات
تمت مقارنة فعالية أربعة لقاحات تجارية (CVI988، HVT، CVI988+HVT، 814) ضد السلالة شديدة الضراوة SDCW01:
مؤشرات الحماية (PI): لم تحقق أي من اللقاحات حماية مثالية، حيث تراوحت المؤشرات بين 28% (814) و50% (CVI988+HVT).
معدلات الأورام: ظهرت الأورام في الدواجن المُطعّمة بلقاحي CVI988 وHVT بنسب 7.7% و11.5% على التوالي.
معدلات البقاء على قيد الحياة: حسّنت اللقاحات معدلات البقاء ولكنها لم تمنع الإصابة بشكل كامل.
التحديات الرئيسية
زيادة الضراوة: أدى الضغط المناعي الناتج عن اللقاحات على المدى الطويل إلى تطور السلالات شديدة الضراوة التي تخترق المناعة الناتجة عن التطعيم.
فعالية محدودة للقاحات التقليدية: أصبحت اللقاحات التقليدية، مثل CVI988 وHVT، أقل فعالية ضد السلالات شديدة الضراوة.
تنوع السلالات الجغرافية: الاختلاف الإقليمي في السلالات يزيد من احتمالية فشل اللقاحات.
عدم منع العدوى تمامًا: اللقاحات الحالية تمنع الأعراض ولكنها لا تمنع العدوى أو انتشار الفيروس، مما يساهم في تطور الفيروس.
التوصيات الاستراتيجية
تطوير لقاحات جديدة:
لقاحات بحذف جين Meq: أظهرت اللقاحات المعتمدة على حذف الجين المسبب للأورام (مثل SC9-1) نتائج واعدة.
لقاحات مؤتلفة: الاستفادة من الهندسة الوراثية لتطوير لقاحات تستهدف المستضدات المحفوظة في الفيروس.
لقاحات مخصصة للسلالات: تصميم لقاحات موجهة للسلالات المحلية.
تعزيز الرصد الوبائي:
تسلسل الجينوم وتحليل السلالات المنتشرة بانتظام لمراقبة تطور الضراوة. إجراء دراسات وبائية لتحديد وتتبع تفشي السلالات شديدة الضراوة.
تدابير إدارة متكاملة:
دمج التطعيم مع بروتوكولات الأمن الحيوي للحد من انتشار الفيروس.
اختيار خطوط دواجن مقاومة وراثيًا للمرض.
التعاون العالمي:
إنشاء مبادرات بحثية دولية للتصدي للتطور السريع للفيروس ومشاركة استراتيجيات تطوير اللقاحات.
الخلاصة
يشكل ظهور السلالات شديدة الضراوة من فيروس مرض مارك تحديًا كبيرًا لصناعة الدواجن. ورغم أن اللقاحات الحالية قد خفضت معدلات الوفيات، فإن فعاليتها المحدودة أمام السلالات المتطورة تؤكد الحاجة إلى نهج مبتكر. يعد تطوير لقاحات الجيل القادم، وتعزيز الأمن الحيوي، وتبني ممارسات إدارة متكاملة أمرًا ضروريًا للسيطرة المستدامة على المرض.