مراجعة مقارنة شاملة لتحديات الحمى القلاعية في جنوب أفريقيا والعراق لعام 2025: تطبيقات عملية لتعزيز الأمان الحيوي وتطوير اللقاحات الذاتية
د. ماجد حمید الصایغ
9/ 7/ 2025
مقدمة
تُعد الحمى القلاعية (FMD) من الأمراض الحيوانية الوبائية شديدة العدوى، والتي تؤثر بشكل كبير على صحة المواشي، الأمن الغذائي، والتجارة الدولية للحيوانات ومنتجاتها. يُصنف المرض ضمن قائمة الأمراض الواجبة الإبلاغ حسب المنظمة العالمية لصحة الحيوان (WOAH)، نظرًا لتأثيره العابر للحدود. في عام 2025، عادت موجات التفشي للظهور بقوة في عدد من البلدان، وعلى رأسها جنوب أفريقيا والعراق. وبينما طبقت جنوب أفريقيا آليات احتواء معتمدة، واجه العراق عوائق كبيرة في الاستجابة والاحتواء، مما أظهر الحاجة إلى مراجعة السياسات البيطرية والأمان الحيوي في البلدان النامية، مع تسليط الضوء على دور اللقاحات الذاتية كأداة بديلة في المناطق التي لا تنجح فيها اللقاحات التجارية.
المنهجية
تمت مراجعة أكثر من 15 وثيقة رسمية وتقارير علمية حديثة لعام 2025 صادرة من:
- وزارة الزراعة في جنوب أفريقيا.
- تقارير غرفة العمليات البيطرية في العراق.
- بيانات FAO وWRLFMD حول تسلسل الفيروسات.
- بيانات Reuters وgov.za حول توفر اللقاحات وآثار الحظر التجاري.
تمت مقارنة عوامل رئيسية مثل: حجم التفشي، سلالة الفيروس، توفر اللقاح، مستوى الأمان الحيوي، ومدى تأثير المرض على الاقتصاد والإنتاج الحيواني.
النتائج
في جنوب أفريقيا، تم تسجيل أكثر من 200 بؤرة تفشي لفيروس FMD من سلالة SAT2 خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025، شملت المزارع والمناطق الرعوية المفتوحة. أدى ذلك إلى إيقاف تصدير اللحوم إلى الصين وعدة دول أخرى. أُطلقت حملات تطعيم طارئة، وتم طلب 900,000 جرعة لقاح إضافي.
في العراق، تم الإبلاغ عن 9 بؤر تفشي مؤكدة، جميعها بسبب سلالة SAT1 (وهي نادرة في الإقليم)، وتم تسجيل ما لا يقل عن 654 نفوقًا بين المواشي. لم تكن اللقاحات المتوفرة فعالة، لأنها مخصصة لسلالات O وA، وتم رصد غياب خطة تطعيم موضعية، وعدم وجود لقاح مُحضر من العزلات المنتشرة. اعتمدت السلطات على تقييد الحركة، دون تدخل لقاحي مباشر.
المناقشة
تشير هذه النتائج إلى فجوة واضحة في الاستجابة بين البلدين. جنوب أفريقيا، رغم التحديات، طبقت نظام إدارة متكامل:
- وجود قاعدة بيانات للمواشي.
- قدرة على إصدار تحذيرات مبكرة، واستجابة لوجستية مرنة
- كما استفادت من قدرتها على تحضير لقاحات ذاتية عبر منشآت محلية، باستخدام العزلات الفيروسية المحلية وتحضيرها ضمن شروط GMP.
في المقابل، يفتقر العراق إلى هذا المستوى من الجهوزية؛ حيث لا يوجد بنك وطني لعزلات FMD، ولا توجد منشآت مخصصة لتحضير لقاحات ميدانية، بل يتم الاعتماد على واردات محدودة من لقاحات قديمة. كما أن ضعف تطبيق أنظمة التتبع و الرقابة البيطرية في الأسواق، لا سيما في مناطق ديالى، كربلاء، ونينوى، ساهم في تأخر السيطرة.
أمثلة حقيقية: في منطقة (كوازولو ناتال)، تم اكتشاف العدوى عبر تتبع مزاد مواشي في منطقة (أوتريخت)، وتم عزل القطيع بعد 48 ساعة. في المقابل، في محافظة ديالى العراقية، لم يتم تشخيص أول حالة FMD في إحدى الحظائر إلا بعد ظهور أعراض في أكثر من 60 رأسًا من الأبقار، ما يدل على غياب الرصد المبكر.
الاستنتاج
يُظهر التحليل أن السيطرة على الحمى القلاعية لا تعتمد فقط على توافر اللقاح، بل على ملاءمته للسلالة المنتشرة، وعلى توفر نظام متكامل من الرصد، التشخيص، الحجر، وتطبيق الأمان الحيوي. نجحت جنوب أفريقيا في تقليل التأثيرات بعكس العراق الذي عانى من ضعف التشخيص، تأخر التحرك، وعدم توفر لقاحات ميدانية فعالة.
التوصيات
- إنشاء بنك وطني لعزلات FMD في العراق لتتبع السلالات المحلية وتحديث استراتيجيات التطعيم.
- تأسيس خط إنتاج محلي للقاحات ذاتية بالتعاون مع جهات أكاديمية ومراكز بحثية وطنية.
- تفعيل نظام وطني إلكتروني لترقيم المواشي وربطه ببطاقات تطعيم رقمية.
- إقرار سياسة "المناطق الخالية" (Zoning) في المحافظات التي لم تُسجل إصابات، لحمايتها وتعزيز التصدير الداخلي.
- تدريب 500 طبيب بيطري في المحافظات عالية الخطورة على الإجراءات القياسية للاستجابة السريعة والوقاية.