تحويل نفايات الطعام إلى علف للدجاج: تجارب عالمية نحو تغذية مستدامة واقتصاد دائري
د. ماجد حمید الصایغ / اختصاص امراض الدواجن / استرالیا
في ظل تصاعد التحديات المرتبطة بارتفاع أسعار الأعلاف وتفاقم مشكلة الهدر الغذائي عالميًا، برز تحويل نفايات الطعام إلى علف للدواجن كحل مبتكر يجمع بين الجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية.
تمثل نفايات الطعام أكثر من مليار طن سنويًا على مستوى العالم، بينما تستحوذ الأعلاف على ما يزيد عن 60% من تكاليف إنتاج الدواجن، ما يحفز الباحثين على استثمار هذه النفايات كمورد غذائي فعال. وقد شهدت السنوات الأخيرة تطبيقات ميدانية واعدة، أبرزها تجربة أستراليا التي نفذتها جامعة نيو إنجلاند بالتعاون مع Poultry Hub Australia، حيث تم تطوير مسحوق علفي عالي الجودة من نفايات الطعام المطهية ومخلفات المطاعم ومنتجات الألبان، وأظهرت النتائج تحسنًا في كفاءة التحويل الغذائي للدجاج البيّاض، دون التأثير على الصحة أو جودة البيض، مع خفض تكلفة الأعلاف وخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 25%. كما طورت شركة Food Recycle Ltd تقنية تجفيف حراري مرخّصة لإنتاج هذا العلف تجاريًا بقدرة إنتاج مستهدفة تبلغ 100 طن يوميًا، مع خطط للتوسع في نيوزيلندا. في كندا، أظهرت دراسة من جامعة دالهوزي أن إدخال 15–20% من وجبة قشور البطاطا المجففة في علائق الدجاج اللاحم، مع إنزيمات مخصصة للهضم، أدى إلى نتائج إيجابية في الوزن وكفاءة التحويل.
وفي نيجيريا، تم تأكيد هذه النتائج من خلال تجربة استخدام قشور البطاطا الأيرلندية، التي خفضت تكلفة العلف بنسبة 20% مع الحفاظ على الأداء الإنتاجي. أما في المملكة المتحدة، فقد أظهرت دراسات تقييم دورة الحياة (LCA) أن إدخال نفايات الطعام في تغذية الدواجن يخفض البصمة الكربونية بنسبة 17%، مقارنة بالعلائق التقليدية المبنية على الذرة والصويا. كما تُعد دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية من الرواد في هذا المجال، حيث تُستخدم نظم وطنية متكاملة لتحويل النفايات الغذائية إلى علف للدواجن من خلال عمليات تجفيف وتعقيم صارمة ومعتمدة.
رغم هذه النجاحات، تواجه التجربة العالمية تحديات تشمل التفاوت في القيمة الغذائية للنفايات، الحاجة إلى تقنيات موفرة للطاقة في التجفيف، والمتطلبات التنظيمية المتعلقة بسلامة الأغذية الحيوانية. ويُوصى عند التطبيق بإدخال تدريجي لنفايات الطعام في الأعلاف بنسبة تبدأ من 5% وتصل إلى 20% كحد أقصى، مع مراقبة الأداء الصحي والإنتاجي، وإجراء تحاليل مستمرة للتأكد من خلو المكونات من الملوثات والسموم. إن تكامل هذه التجارب الدولية وتكييفها محليًا يفتح آفاقًا واعدة لتقليل الاعتماد على الأعلاف المستوردة، وخفض تكاليف الإنتاج، وتعزيز الأمن الغذائي، والانتقال من نظام غذائي خطي إلى نموذج دائري قائم على إعادة التدوير والاستفادة القصوى من الموارد