اللقاحات المضادة للقراد للسيطرة على حمى القرم- الكونغو النزفية

د. ماجد حمید الصایغ / اختصاص امراض الدواجن / استرالیا

24/ 6/ 2025

التجارب العالمية مع اللقاحات المضادة للقراد للسيطرة على حمى القرم-الكونغو النزفية: تحليل مقارن

مقدمة
تُعد حمى القرم-الكونغو النزفية (CCHF) مرضًا فيروسيًا حادًا ينتقل في الغالب عن طريق قراد هيالوما. وهو يُمثل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأجزاء من أوروبا. وقد أصبحت الطرق التقليدية لمكافحة القراد باستخدام المبيدات محدودة الفعالية بسبب ظهور مقاومة كيميائية وتلوث بيئي وصعوبات في التطبيق. في هذا السياق، تبرز اللقاحات المضادة للقراد كحل بديل أكثر أمانًا واستدامة، من خلال تقليل أعداد القراد وقطع دورة انتقال الفيروس.

تتناول هذه المراجعة تجارب اللقاحات المضادة للقراد في عدة دول، تشمل كوبا والهند والعراق، مع التركيز على المنهجيات، والنتائج، والتأثيرات الصحية العامة، من خلال مراجعة تجارب الحقل، والنماذج الحيوانية، والمبادرات الوطنية لمكافحة النواقل.

1. كوبا: الريادة في لقاح Bm86 المؤتلف – Gavac®

مقدمة
تُعد كوبا من أولى الدول التي طورت واستخدمت لقاحًا مضادًا للقراد يعتمد على المستضد المؤتلف Bm86، المستخلص من Rhipicephalus (Boophilus) microplus. ويُعرف هذا اللقاح تجاريًا باسم Gavac®، وقد أثبت فعاليته في أمريكا اللاتينية، ويُعد نموذجًا يُحتذى به في المكافحة البيولوجية للقراد.

المنهجية
تم استنساخ البروتين Bm86 والتعبير عنه باستخدام نظام الخميرة Pichia pastoris. تم تنقية البروتين ودمجه في تركيبة لقاح تُعطى تحت الجلد على جرعات متعددة. أُجريت تجارب ميدانية على قطعان الأبقار في مناطق موبوءة، وتمت متابعة أعداد القراد، ونسب النجاح في الانسلاخ، والاستجابات المناعية.

النتائج
أدى استخدام اللقاح إلى تقليل أعداد القراد بنسبة تراوحت بين 91–99%، كما ساهم في تقليل نقل الطفيليات مثل Babesia bovis وBabesia bigemina. وسُجل انخفاض كبير في التعلق والبيوض والفقس في القراد.

المناقشة
تُظهر التجربة الكوبية إمكانية استخدام مستضدات مؤتلفة في ظروف الميدان بكفاءة عالية، مع فوائد صحية واقتصادية واضحة. وقد أُدرج لقاح Gavac® ضمن برامج وطنية للمكافحة البيطرية.

الاستنتاج
يُعد Gavac® من أنجح اللقاحات المضادة للقراد على مستوى العالم، وقد ساهم في تحسين إنتاجية الثروة الحيوانية وخفض خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق القراد.

المصدر: منشور Gavac®؛ دي لا فونتي وآخرون، Vaccine (2007)

 

2. الهند: تجربة اللقاحات المركبة والمستضدات الأصلية

مقدمة
أجرت الهند أبحاثًا واسعة على تطوير لقاحات مضادة للقراد، تستهدف أنواعًا متعددة، من بينها Hyalomma anatolicum وRhipicephalus microplus. وتركزت الجهود على تطوير لقاحات مركبة تضم عدة مستضدات لتوفير حماية واسعة ضد أنواع متعددة من القراد.

المنهجية
تم تحضير اللقاحات باستخدام مستخلصات بروتينية أصلية ومستضدات مؤتلفة مأخوذة من أمعاء ولعاب القراد. تم خلطها مع مساعدات مناعية (أدجوفنت) مثل Freund’s، وأُعطيت للأبقار تحت الجلد أو في العضل. بعد ذلك، تم تعريض الحيوانات لعدوى منظمة بالقراد لقياس الكفاءة.

النتائج
أظهرت التجارب أن اللقاح المركب قلل من أعداد القراد ومعدلات الانسلاخ بنسبة وصلت إلى 82%. كما لوحظت استجابات مناعية قوية وتغيرات نسيجية تدل على فعالية التحصين.

المناقشة
تُشير نتائج الهند إلى أهمية استخدام تركيبات متعددة المستضدات لمواجهة تنوع أنواع القراد. إلا أن التحديات تشمل استقرار اللقاح، الإنتاج التجاري، والترخيص للاستخدام الميداني.

الاستنتاج
تعكس التجارب الهندية إمكانية استخدام اللقاحات المركبة في تقليل أعداد القراد، إلا أن الانتقال من المختبر إلى التطبيق العملي يتطلب تطويرًا إضافيًا.

المصدر: “Cocktail Vaccine against Ticks,” 2022، غوش وآخرون

 

3. العراق: دراسات أولية للتمنيع باستخدام مستخلصات بيض القراد

مقدمة
في العراق، حيث تسود Hyalomma كمصدر رئيسي للعدوى بـCCHF، بدأت مؤخرًا دراسات تجريبية لاستخدام لقاحات أصلية تعتمد على مستخلصات من بيض القراد البالغ كمصدر جديد للمستضدات. تهدف هذه التجارب إلى تقييم الاستجابة المناعية كنقطة انطلاق لتطوير لقاح محلي.

المنهجية
تم جمع قراد Hyalomma anatolicum من حيوانات حقلية. ثم تم فصل البيض والبالغين واستخلاص البروتينات باستخدام تقنية السونكيشن (التحطيم بالموجات فوق الصوتية). تم حقن المستخلصات في الأرانب، وتكررت الجرعة بعد أسبوعين، وتم تحليل الأنسجة المناعية بعد ذلك.

النتائج
أظهرت الأرانب المُطعّمة بمستخلصات البيض استجابات مناعية جلدية ونسيجية أقوى من تلك التي حُقنت بمستخلصات القراد البالغ. شملت التغيرات زيادة في سماكة الجلد وتسرب الخلايا الالتهابية إلى الطحال والكبد والكلى.

المناقشة
تُظهر هذه الدراسة أن مستخلصات بيض القراد تحتوي على مستضدات فعالة في تحفيز المناعة. إلا أن غياب تجارب على الحيوانات المنتجة (مثل الأغنام أو الأبقار) ما يزال تحديًا.

الاستنتاج
تشكل هذه التجربة خطوة أولى واعدة نحو تطوير لقاح محلي مضاد للقراد في العراق، وتحتاج إلى توسيع نطاق التجربة وتطبيقها على نطاق المزرعة.
المصدر: “Preliminary Immunization Study of Hyalomma Spp.,” مازن محمد جواد وآخرون، 2024

الملخص المقارن
الدولة نوع القراد المستهدف نوع اللقاح الفعالية نموذج التطبيق
كوبا R. microplus مؤتلف (Bm86) حتى 99% ضمن برامج وطنية
الهند H. anatolicum, R. microplus مركب/أصلي حتى 82% تجارب مخبرية
العراق H. anatolicum مستخلصات أصلية من البيض لم تُختبر على الماشية بعد نموذج أرانب (تمهيدي)

الاستنتاج
تمثل اللقاحات المضادة للقراد أداة حاسمة ضمن استراتيجيات المكافحة المتكاملة للنواقل للحد من انتقال CCHF. فبينما يُعد لقاح Gavac® الكوبي نموذجًا ناجحًا في التطبيق الميداني، تُظهر التجارب في الهند والعراق تنوعًا في المصادر المستضدية والتوجهات البحثية التي يمكن أن تُساهم في تطوير لقاحات فعالة ومخصصة للأقاليم الموبوءة. يُوصى بمزيد من التعاون الإقليمي والدولي لإجراء تجارب ميدانية موسعة وإدماج اللقاحات ضمن برامج السيطرة على القراد والأمراض المنقولة.

اترك تعليقا

قد يعجبك ايضا