ظهور فيروس الحمى القلاعية SAT2 Topotype XIV في غرب آسيا

 

د. ماجد حمید الصایغ / اختصاص امراض الدواجن / استرالیا

 

نظرة عامة كشفت دراسة حديثة عن ظهور سلالة SAT2 Topotype XIV من فيروس الحمى القلاعية (FMDV) في غرب آسيا خلال عامي 2022-2023. كانت هذه السلالة مقتصرة سابقًا على شرق إفريقيا، لكن تم اكتشافها في عدة دول، مما يشير إلى خطر محتمل لانتشارها في مناطق جديدة. يعود ظهور هذه السلالة إلى حركة الحيوانات المستوردة من إفريقيا، إضافة إلى غياب التطعيم الوقائي المناسب لهذا النوع من الفيروس.

 

تفشي المرض وانتشاره: تم الإبلاغ عن الحالات الأولى من فيروس SAT2/XIV في الجاموس في بغداد، العراق، في ديسمبر 2022. وأكد التحليل الجيني الذي أُجري في تركيا أن هذه السلالة ليست موطنية في غرب آسيا، بل جاءت من شرق إفريقيا. من خلال زيادة جهود المراقبة، تم تتبع انتشار الفيروس، وبحلول يناير 2023، تم تسجيل حالات جديدة في البحرين، والأردن، وعُمان. واستمر الفيروس في الانتشار ليصل إلى منطقة الأناضول الشرقية في تركيا في مارس 2023 ثم انتقل لاحقًا إلى وسط الأناضول ومقاطعات أضنة، مما يشير إلى إمكانية استيطان هذا النوع في المنطقة إذا لم تتخذ إجراءات احترازية.

 

التحليل الجيني والأصول: للتأكد من أصول وانتشار سلالة SAT2/XIV، تم إجراء تسلسل الجينوم الكامل على 49 عينة تم جمعها من إثيوبيا، العراق، الأردن، البحرين، تركيا، وعُمان. أكد التحليل أن الفيروس نشأ على الأرجح من شرق إفريقيا، لا سيما إثيوبيا، وتم إدخاله إلى غرب آسيا في عدة مناسبات، حيث تم العثور على تطابق جيني كبير بين عينات من إثيوبيا والعراق، مما يدل على أن الحركة التجارية للحيوانات ربما لعبت دورًا محوريًا في تفشي المرض.

 

أظهر تحليل السلالة الزمنية أن السلف المشترك الأحدث (MRCA) لسلالة SAT2/XIV يعود إلى أبريل 1991، مما يشير إلى أن الفيروس كان ينتشر دون اكتشافه في إفريقيا قبل ظهوره الأخير. كما أظهرت الدراسة تشابهًا جينيًا بين العينات العراقية والتركية، مما يشير إلى أن الفيروس انتقل من العراق إلى تركيا. ومن المثير للاهتمام أن حالات الأردن كانت مختلفة جينيًا، مما يشير إلى وقوع حدث إدخال منفصل.

 

العوامل المحتملة المساهمة في الانتشار: حددت الدراسة عدة عوامل قد تكون ساهمت في انتشار فيروس SAT2/XIV في غرب آسيا:

  • التجارة وحركة المواشي: قد يكون للتجارة غير الرسمية للمواشي بين شرق إفريقيا وغرب آسيا، خصوصًا خلال عيد الأضحى، دور في إدخال الحيوانات المصابة.
  • ممارسات الرعي: المناطق الرعوية المشتركة وعدم وجود تدابير فعالة للحجر الصحي قد تكون سهلت انتقال الفيروس، حيث يمكن أن تظل الحيوانات المصابة ناقلة للعدوى لفترات طويلة.
  • الخزانات الطبيعية للفيروس: ربما تم حفظ الفيروس في مجموعات الجاموس الإفريقي، مما جعله مصدرًا طويل الأمد للانتقال قبل ظهوره في الماشية.
  • ضعف أنظمة الحجر البيطري: في بعض الدول التي انتشر فيها الفيروس، لم تكن هناك إجراءات صارمة في مراقبة الحيوانات المستوردة، مما أدى إلى زيادة احتمالات انتشاره.

 

التشخيص والاستجابة للقاح طور الباحثون فحص RT-PCR عكسي في الوقت الحقيقي للكشف عن سلالة SAT2/XIV وتمييزها عن الأنماط الأخرى من فيروس الحمى القلاعية المنتشرة. في دراسات توافق اللقاح، أظهرت لقاحات الحمى القلاعية (SAT2 Eritrea 98 وSAT2 ZIM 83) حماية جزئية ضد SAT2/XIV. ومع ذلك، هناك بيانات محدودة حول فعالية اللقاحات ضد هذه السلالة، مما يؤكد الحاجة إلى مزيد من الأبحاث.

 

أشارت نتائج الدراسات إلى أن الاستجابة المناعية لم تكن قوية بما يكفي لمنع انتشار الفيروس بشكل كامل، مما يتطلب مزيدًا من التجارب لتطوير لقاحات أكثر توافقًا مع هذه السلالة الجديدة.

 

التحديات البيولوجية وإجراءات السيطرة يمثل دخول SAT2/XIV إلى غرب آسيا تحديًا كبيرًا للأمن البيولوجي. إذا استمر الفيروس في الانتشار، فقد يصبح مرضًا مستوطنًا، مما يؤثر على الإنتاج الحيواني والتجارة الإقليمية. أوصت الدراسة بما يلي:

  • تعزيز المراقبة والرصد: تحسين المراقبة الجينية لتتبع حالات التفشي الجديدة، وضمان الإبلاغ السريع عن أي إصابات جديدة.
  • تحسين إجراءات الأمن البيولوجي: تنفيذ لوائح أكثر صرامة لاستيراد الماشية وتدابير الحجر الصحي لمنع دخول سلالات جديدة من الفيروس.
  • استراتيجيات التطعيم: تطوير لقاحات مخصصة للحماية من SAT2/XIV وإجراء تجارب لمعرفة مدى فعاليتها في السيطرة على انتشار الفيروس.
  • التعاون الدولي: تعزيز الشراكات بين السلطات البيطرية في شرق إفريقيا وغرب آسيا لتحسين جهود السيطرة على المرض، وتبادل المعلومات حول طرق الوقاية والتعامل مع الفيروس.
  • التوعية البيطرية والزراعية: تكثيف حملات التوعية للمزارعين ومربي الماشية حول أهمية الكشف المبكر والإبلاغ عن أي أعراض مشبوهة.

 

الخاتمة يمثل اكتشاف SAT2/XIV في غرب آسيا حدثًا وبائيًا مهمًا، مما يؤكد الحاجة إلى المراقبة الاستباقية، والتطعيم المستهدف، وتحسين لوائح التجارة. من خلال استمرار المراقبة والتدخل الفعّال، يمكن الحد من انتشار هذه السلالة الأجنبية من فيروس الحمى القلاعية، مما يمنع المزيد من الاضطرابات الاقتصادية والزراعية في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنسيق بين الدول المتضررة وتطبيق سياسات بيطرية صارمة قد يكون المفتاح الأساسي للسيطرة على انتشار المرض في المستقبل.

اترك تعليقا

قد يعجبك ايضا