متلازمة الاجسام الغريبه في حيوانات المزرعة
الاستاذ الدكتور ليث محمود القطان\كلية الطب البيطري \ جامعة الموصل
الاختصاص الدقيق :دكتوراه جراحه بيطريه
تشكل الثروه الحيوانية مصدرا كبيرا من الدخل القومي للبلد حيث تمثل جانبا كبيرا لايستهان به لسد الحاجات المتناميه والمتزايده على البروتين الحيواني وهي جزء من الامن الوطني الغذائي. والنموالمتزايد لهذه الثروة يحتم علينا الاهتمام بهذه الثروة ومن ثم توجيهها بالاتجاه الصحيح والوقوف على العديد من المشاكل والتي تؤثر سلبا على تنامي هذا المنتوج الوطني الحيوي.
من المشاكل التي تواجهنا وتشكل عقبة تؤثر سلبا على ثروة البلد الحيوانية والتي تستوجب تعاملا جديا معها وهي متلازمة الاجسام الغريبه وهي من الظاهر الشائعه بشكل أساسي في المجترات و التي تشمل الابقار بالدرجة الرئيسيه نظرا لطبيعه تغذية الابقار و طريقة تناول الغذاء مما يجعلها تبتلع المواد الغذائيه دون أن تسحقها و تمضغها. و لهذا تبتلع كافة المواد بأشكالها المختلفه دون الاحساس بها. لهذا نراها تبتلع الاجسام الغريبه من جلود و مواد بلاستيكيه و عظام و مواد زجاجيه و قطع معدنيه مختلفه حاده و غير حاده.
هذه المواد لا يستطيع الحيوان ارجاعها للفم و من ثم اجترارها كما في الحالات الطبيعيه أثناء عملية تناول الغذاء الاعتياديه، حيث تبقى هذه المواد المعدنيه و البلاستيكيه و المواد الاخرى الغريبه الصلبه عادة التي لاتستطيع المعده التعامل معها، فتبقى لفترة طويلة في المعدة و المكونه من أربعة اجزاء أكبرها استيعابا للمواد المختلفه وهو الكرش وقد يعبر قسم من هذه المواد خاصة المعدنيه منها للجزء الاخر من أجزاء المعدة وهو الشبكيه و التي تكون قريبه من التجويف الصدري ثم القلب و قد تؤدي هذه الحاله الى عزوف الحيوان عن الغذاء و ظهور علامات التهاب شغاف القلب و الشبكيه الكلمي الامر اللذي يؤدي بحياة الحيوان نتيجة لاختراق الجسم المعدني للقلب وبالتالي يستقر به و يؤدي للنفوق .
من العلامات المهمه لهذه الحاله هي الحصول المفاجئ لهذه الحاله من دون سابق إنذار و عزوف الحيوان عن الغذاء و الامساك و خروج غائط قوي و إنخفاظ مفاجي ملحوظ في إنتاج الحليب و حصول النفاخ و خمول الحيوان و إرتفاع في درجة الحرارة . في هذه الحاله يستعان بالطبيب المتخصص الجراح لاخذ القرار المناسب. أما في حالة تجمع الاجسام الغريبه فيلاحظ النفاخ على الحيوان و النزول التدريجي للوزن و من ثم منظر غير مقبول للحيوان حيث يلاحظ على الحيوان الهزال و فقدان الجلد لنظارته و لمعانه .
عادة ما تشخص هذه المتلازمه من قبل الطبيب المختص، أما من تاريخ الحالة التي ياخذه الطبيب بالاستعانة بصاحب الحيوان و من ثم بعض الفحوصات السريريه التي يحتاجها الطبيب للحصول على تشخيص نهائي فضلا عن بعض الفحوصات المختبريه التي تؤكد الاصابة بهذه المتلازمة لاخذ القرار باحالة الحالة الى الطبيب الجراح المتخصص لاعطاء النصح بامكانية إجراء التدخل الجراحي باجراء عملية فتح الكرش لاستخراج المواد المعدنية والبلاستيكيه والجلود وهي من العمليات الناجحه والتي يستعيد بعدها الحيوان عافيته ثم الرجوع الى نشاطه الطبيعي.
أما بالنسبه الاغنام فتحصل هذه الظاهرة بشكل أقل حدة من الابقار و ذلك لاختلاف طبيعة و طريقة تناول الغذاء فتحصل هذه الظاهرة خاصة بالاغنام المرباة في المناطق القريبه من المدينه و القريبه من المخلفات و النفايات. خاصة بموسم الجفاف و قلة الاعشاب الخضراء و هي من الحالات التي تحتاج الى توعية بالدرجة الاولى لاصحاب الاغنام بالابتعاد عن مناطق النفايات و التي غالبا ما تكون ملوثة و قد تحصل حالات تسمم للحيوان ببعض المواد الكيميائيه المختلفه والتي غالبا ماتكون سامة و المتواجدة مع النفايات و قد يحتاج الحيوان الى تدخل جراحي نتيجة لتجمع كمية كبيرة من المواد الجلدية والبلاستيكية تفوق طاقة كرش الحيوان وبالتالي قد يخسر الحيوان حياته من جراء تخمة الحيوان بهذه المواد الغريبه و ينفق الحيوان اذا لم يتم إسعافه بتدخل جراحي بالوقت المناسب.
يكون التدخل الجراحي بإجراء عملية فتح الكرش بعد إعطاء التسدير المتوسط للحيوان لتجنب رقوده وعدم إعطاء التخدير العام لما له من مخاطر على حياة الحيوان فهو يعطل عمليه التجشؤ وبالتالي حصول النفاخ ودخول ورجوع محتويات الكرش عبر المريء ومن ثم دخولها الى القصبة الهوائية حيث يحصل التهاب رئوي ناتج عن سحب هذه المواد الغذائيه الراجعة من الكرش لتدخل المجري التنفسي.
يتم تحضير الحيوان بعد إعطاءه جرعه مناسبه من التسدير المتوسط تجنبا لرقود الحيوان ومن ثم يبدا تحضير مكان العملية والحيوان في وضع الوقوف يتم اجراء تخدير خطي موضعي بموازاة الضلع الأخير للحيوان في منطقة الخاصرة، ويتم بعدها تعقيم المنطقة بشكل جيد بالمعقم المناسب و يتم عمل قطع على شكل جرح طولي بموازاة الضلع الأخير في منطقة الخاصرة اليسرى و بعدها في النسيج تحت الجلد. يتم تثبيت الكرش بأحد الطرق المستخدمة و أشهرها طريقة التثبيت بحلقة الكرش و الكلاليب الكرشية و كما موضح في الشكل و يتم فحص التجويف البطني و بعدها يثبت الكرش بملاقط خاصة بحلقة الكرش ومن ثم يتم فتح الكرش و یتم التأكد من عدم دخول أي جزء من محتويات الكرش الى داخل التجويف البطني أثناء العملية الجراحية و بعدها يتم تفريغ جزء من محتويات الكرش و إزالة الاجسام الغريبة و التأكد من وجود أو عدم وجود أجسام معدنيه نافذه في منطقة الشبكية، شرط أن لا يكون التفريغ كلي من محتويات الكرش. ثم يتم خياطة الكرش بصفين من الخياطة الداخلية وبخيط جراحي ممتص ومن ثم يغسل الكرش بشكل جيد و يعاد للتجويف البطني ويتم بعدها خياطة العضلات والجلد كل لوحده . ثم يعطى مضادات حيوية لتجنب حصول الخمج .
يتم بعدها توجيه صاحب الحيوان بإبعاد الحيوانات عن مصدر الاجسام الغريبة و تحسين نوعية الغذاء المقدم لتجنب تكرار الإصابة بهذه المتلازمة. بهذا الصدد نوجه النصح لإصحاب الحيوانات المرباة في المدينة ان يتم انتقاء الغذاء المناسب لحيوانات التربية المنزليه و تجنب الأماكن التي تحتوي على النفايات و المخلفات الصناعية و يفضل عمل ندوات توعويه لهذا الغرض لتجنب الإصابة بهذه المتلازمة.