هل بالإمكان تلقيح أفراخ الدجاج بلقاح متعدد الأنماط المصلية لفايروس IBV بعمر يوم واحد ؟

 

 

الأستاذ الدكتور صلاح مهدي حسن

استشاري وخبير أمراض وإنتاج دواجن

يبدو أن السؤال غريب جدا" في الواقع الحالي لصناعة الدواجن في العراق للعديد من الأسباب التي سوف أسطرها بشكل نقاط لتكون أكثر قربا" للفهم و المعرفة. أن هذا التساؤل هو تعقيب على ما نشرته شبكة النهرين البيطرية في يوم 15 / 9 / 2024 لمقالة لأحد الزملاء و الذي لابد لنا من التوضيح للزملاء الأعزاء من العاملين في قطاع صناعة الدواجن و لكافة التخصصات و الحلقات و من الله التوفيق .

 

يشير المنشور الى أمكانية أستخدام أكثر من نوع مصلي و حدده بالرقم ( 4 أنواع مصلية ) حية مضعفة لفايروس مرض IB في الأفراخ الفاقسة حديثا". و بالتالي يمكن أن يتأكد من وجود الفايروس بعمل أختبار PCR للتأكد من وجود الفايروسات الأربعة بالفرخ بعمر 5 أيام. وبعد ذلك للتأكيد على نجاح التحصين يمكن له أن يعمل تحدي أي أصابة بفايروس IB ( لم يحدد مصدر فايروس التحدي ) بعمر 14 يوم وسوف تكون الأفراخ بمناعة جيدة .

 

1- لابد من الجميع التأكد من أن صناعة الدواجن الحديثة والقديمة هي قطاع تجاري لتحقيق الأرباح والأكثر من ذلك هو قطاع أمن غذائي لتوفير غذاء صحي للمستهلك خالي من الأمراض و المسببات المرضية و الترسبات الدوائية و السموم الفطرية. و لذلك يتعين على القائمين في هذا القطاع و خصوصا المربين، لأن هم الأصحاب الشرعيين لهذا القطاع، بالعمل على عدم تعرضهم للخسائر المادية ، و ثانيا العمل على أن يكون الإنتاج نظيفا".

 

2- الدواجن اليوم بخطيها الفروج و البياض هم هجن تجارية وراثية منتخبة بشدة لتحقيق الغرضين، اللحم و بأوزان عالية وفترة زمنية قصيرة ( 4-6 أسابيع )كما هو الحال مع الهجين التجاري روز 308 ، و بالنسبة للبياض فاليوم المربين يحسبون كل دجاجة منتجة هي عبارة عن كارتون بيض ( 360 بيضة ) بمعنى أنتاج عالي أيضا". وبالرغم من هذه الإيجابيات الإنتاجية، لابد أن تكون هناك تأثيرات سلبية على الطائر، و منها السلبيات الشكلية أي التشريحية ، و السلبيات الفسلجية ، و السلبيات المناعية. و بالنسبة للسلبيات الشكلية و الفسلجية فسأتركها لمقالة أخرى أنشاء الله، و سوف أتطرق للسلبيات المناعية التي لها علاقة بملاحظتي حول المنشور.

3- برامج الأنتخاب الوراثي الشديدة عملت على أحداث تحور في التجمعات الجينية لذلك الدجاج ، مما أدى الى تثبيط التوافق المناعي لدى الدواجن التجارية ، و الذي أنعكس بدوره بتأثير سلبي على الاستجابة المناعية الخلطية . بينما تشير المصادر العلمية الى تمتع الهجن الوراثية بإستجابة مناعية خلوية شديدة، فضلا عن عدم تأثر المناعة الفطرية لتلك الدواجن.

 

4- أن الأبحاث العلمية و الدراسات و المشاهدات الحقلية تؤكد على أن تلقيح الأفراخ خلال الأسبوع الأول ( 1-7 يوم ) بلقاحات IB تولد إستجابة مناعية ضعيفة جدا" ، وأن تلقيح الأفراخ بعمر يوم واحد ينتج أستجابة مناعية من نوع IgY قليلة الفاعلية مقارنة بالاستجابة المناعية بعر 4 أسابيع. مع الإشارة بأن الاستجابة المناعية الخلطية تتأخر عند الأفراخ الملقحة خلال الأسبوعين الأولين ( 1-14 يوم ) ( راجع van Ginkel et.al. 2015. Vaccine,33:2655-2661 ).

 

5- أن هذه الحقائق يبدو أنها تتوافق مع طبيعة نمو وتطور خلايا B في الدواجن والتي تتعرض الى التحور الجيني ( Gene Conversion ) بعمر 12-16 يوم حضن داخل البيضة والتي بأثرها تكون الخلايا B بكامل توافقها المناعي عند ذلك العمر ولهذا كان نجاح عمليات التحصين داخل البيضة، و حاليا" منتشرة بصورة كبيرة في العالم ، بعمر 18 يوم من الحضن فضلا عن الحالة المماثلة بعمر يوم واحد عند الفقس و يمكن عندها أجراء التلقيح.

6- وبالتالي بعد اليوم الأول تبدء خلايا B الحاملة للجسم المناعي IgM بفقدان خاصية التوافق و التي تمنحها خاصية التحول لإنتاج الأجسام المناعية IgY ، وهذا هو سبب تأخر الأستجابة المناعية من جهة فضلا عن جعل عملية التحصينات خلال الأسبوعين الأوليين من عمر الفرخ غير موفقة في حماية الطيور من الأمراض المراد الحماية منها. و من الجدير بالذكر بأن هناك أبحاث تشير الى توافر مستوى عال من الأجسام المناعية IgM في الأفراخ بعمر أسبوعين، بأنها أجسام مناعية طبيعية ليس لها دخل باللقاح المعطى وهو كلام صحيح جدا". وأخيرا تحدث عملية التحور الجيني الثاني لغدة فابريشيا عند العمر 4-6 أسابيع من عمر الطير وعندها تكون الخلايا اللمفية B عالية الجودة في التوافق المناعي ويطلق عليها ( somatic hypermutation ) وعندها تتحول الخلايا B الحاملة ل IgMالى IgY و بالتالي تكون الاستجابة المناعية متوافقة تماما و كفوءة.

7- كما وتشير المصادر العلمية بأن إستخدام لقاحات الفايروسات التنفسية في الأعمار الأولية للدجاج تؤدي الى أستجابة مناعية خلطية غير كفوءة، يبدو أنها ناتجة عن نقص في تطور مستقبلات TLRs بعمر يوم واحد وهي من مجموعة مستقبلات التعرف على الأنماط ( Pattern Recognition Reseptors ( PRRs) ) والتي تلعب دور حيوي في الأستجابة المناعية من خلال التعرف على المسبب ، مقارنة بتواجد هذه المستقبلات في الافراخ بعمر 4-5 أسابيع ( راجع Brownlie et. al. 2009. Mol.Immunol. 46:3163-3170 ).

 

8- كما و أشرت في مقالة سابقة ضمن صفحة شبكة النهرين البيطرية بتاريخ 24 / 6 / 2024 بأن الدراسات الحديثة والتي نشرت في مجلة الدواجن الأولى عالميا وهي ( Avian Disease ) و في مجلدها الصادر هذه السنة تشير الى الدور الخطير الذي تلعبه اللقاحات الحية لمرض IB في أستمرار حدوثيه المرض و خسائره الكبيرة في صناعة الدواجن، و ذلك من خلال الترابط بين جينات الفايروسات الحقلية مع جينات الفايروسات اللقاحية و خصوصا S1 sequencing لتلك الفايروسات و التي ينتج عنها فايروسات هجينة لا يمكن للقاحات الحالية توفير الحصانة لها بسبب إختراقها للأضداد ( escape immunity ) أو قدرة الفايروسات الحديثة على أحداث الأذى الأكبر في الدجاج المحصن باللقاحات الحالية. و لذلك اليوم العلماء يدعون الى تصنيع لقاحات غير تقليدية وبتقنيات جديدة مثل اللقاحات المؤتلفة ( Recombinant vaccines ) أو لقاحات ( subunit vaccine ) أو ( Nucleic acid-base vaccines ) بمعنى الابتعاد عن التلقيح بالفايروس الكامل و بالتالي تكون اللقاحات الحديثة أكثر أمانا"و أكثر قابلية تمنيعيه وأعلى وقاية للدواجن من الأمراض المعدية ( راجع Camila Cuadrado et.al. 2024. Avian Diseases 68:89-98 ).

9- كما وأن معظم لقاحات مرض IB الحية المتواجدة حاليا بالسوق العراقية تحوي عتر مؤذية جدا" للأفراخ الملقحة و هناك دراسة ماجستيرفي جامعة الموصل كاملة أشرت ذلك الأذى و بالصور العيانية و النسجية لما أحدثته اللقاحات المركبة للـ IB في الأنسجة الجسمية، فضلا عن تدميرها لأهداب القصبة الهوائية وهي الدراسة الوحيدة التي أستخدمت هذا المعيار في تحديد أذى اللقاحات. ( راجع : Abdul jabbar Mohammed Hussein Aljoburi 2012. MSc. Thesis , Mosul University).

 

10- لابد لنا من التأكيد بان أحد أهم عناصر نجاح صناعة الدواجن التجارية الحديثة هو المحافظة على المناعة المكتسبة من الأمهات ( Maternal immunity ) والتي هي العامل الأساس في محافظة الأفراخ على حالتها الصحية خلال الأسبوعين الأوليين نظرا" لأنخفاض قدرة أفراخ الدجاج بالعمر المبكر على الأستجابة المناعية التخصصية وكما ذكرنا سابقا". و بالتالي فأن تلقيح الأفراخ بعمر يوم و بأربعة أنماط مصلية لفايروس IB سيعمل على تثبيط المناعة الأمية للمرض و يجعل الأفراخ عرضة للأصابة المبكرة بفايروس IB الحقلي و هي حالة خطيرة جدا" لما يسببه من أذى في نسيج قناة البيض خصوصا في أفراخ أمهات بيض التفقيس أو أفراخ البياض و الذي بدوره يؤدي الى إحداث حالة البياض الكاذب ( false layer ) و الذي تكون الدجاجة بالشكل الخارجي لها بانها دجاجة بياضة ومبيضها فعال، الا أنها لا تبيض و ذلك لتدمير و ربما أختفاء قناة البيض؟؟ ويؤدي الى أصابة الجهاز البولي و تضخم الكلى و الهلاك نتيجة اليوريسيميه ( uricemia ) وهنا أيضا تكون الأصابة في أفراخ الفروج.

11- وعليه ، ولكل ماذكر آنفا" ، فأن مسألة خلط أنماط مصلية مختلفة لفايروس IBV اللقاحية وبالعدد 4 كما ذكرته المقالة المعنية ، فهي عملية تدميرية للطير بالكامل مؤدية الى الهلاكات وأنخفاض أنتاجيته .

 

12- أن الستراتيجية الحديثة لأستخدام اللقاحات في قطاع صناعة الدواجن بصفته أحد أركان أدارة العملية التصنيعية، فهي تقوم على إستخدام اللقاحات غير النمطية وخصوصا اللقاحات المؤتلفة ( Recombinant ) و اليوم هناك عمل في تقنية أستخدام ( mRNA ) في تصنيع اللقاحات وهي تعتبر تقنية عالية الجودة في عملية التمنيع ، وهنا لابد من الأشارة بان اللقاحات هذه صممت على أساس خاصية التلقيح في البيضة أو عند اليوم الأول نتيجة تطور الجهاز المناعي للدواجن وكما ذكرته سابقا".

One Comment

  1. طالب الجسام الشمري سبتمبر 17, 2024 at 1:37 ص - Reply

    بوركتم ع التوضيح

اترك تعليقا

قد يعجبك ايضا